فصل: فَصْل في وصف نساء أَهْل الْجَنَّة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان



.فَصْل في وصف نساء أَهْل الْجَنَّة:

عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لغَدْوَةٌ في سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ أَوْ مَوْضِعُ قَيْدِهِ- يَعْنِي سَوْطَهُ- مِنْ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَوْ اطَّلَعَتْ مَنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى الْأَرْضِ لَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيْحًا ولأضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». رَوَاهُ البُخَاريِ وَمُسْلِمٌ وَالطَّبَرانِيّ مُخْتَصَرًا بِإسْنَادٍ جَيِّدٍ، إِلا أَنَّهُ قَالَ: «ولَتَاجُهَا عَلَى رَأسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».
النصِيفُ: الخِمَارُ.
أَلْقَابُ: هُوَ القَدْرُ، وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ: قَابُ القَوْسِ مِنْ مَقْبَضِهِ إلى رَأْسِهِ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، والتِي تَلِيهَا عَلَى أَضْوَءِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ وَلِكُلِّ امْرئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ، يَرَى مُخَّ سُوقِهما مِنْ وَرَاءِ اللحْمِ، وَمَا فيِ الجَنَّةِ أَعْزَبٌ». رَواهُ البُخَارِيّ وَمُسْلِمٌ.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُرَى بَيَاضُ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حُلَّةً حَتَّى يُرَى مُخُّهَا وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ عزّ وَجَلَّ يَقُولُ: {كَأَنَّهُنَّ إلىقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} فَأَمَّا إلياقُوتُ فَإِنَّهُ حَجَرٌ لَوْ أَدْخَلْتَ فِيهِ سِلْكًا ثُمَّ اسْتَصْفَيْتَهُ لأُرِيتَهُ مِنْ وَرَائِهِ». رَوَاهُ ابْنُ أَبي الدُّنْيَا، وابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِه، والتِّرْمِذِي واللفظُ لَهُ وَقَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَهُوَ أَصَحُّ.
وروي عن أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: حدثني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «حدثني جبريل عَلَيْهِ السَّلام قال: يدخل الرجل على الحوراء فتستقبله بالمعانقة، والمصافحة». قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فبأي بنان تعاطيه، لو أن بعض بنانها بدا لغلب ضوؤه ضوء الشمس والقمر، ولو أن طاقة من شعرها بدت لملأت ما بين المشرق والمغرب من طيب ريحها، فبينا هُوَ متكئ معها على أريكته إذ أشرف عَلَيْهِ نور من فوقه، فيظن أن الله عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أشرف على خلقه، فإذا حوراء تناديه: يا ولي الله، أما لنا فيك من دولة؟، فَيَقُولُ: ومن أَنْتَ يا هذه؟، فَتَقُول: أَنَا من اللواتي قال الله تبارك وتَعَالَى: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} فيتحول عندها، فإذا عندها من الجمال والكمال ما لَيْسَ مَعَ الأولى، فبينا هُوَ متكئ معها على أريكته، وإذا حوراء أخرى، تناديه: يا ولي الله، أما لنا فيك من دولة؟، فَيَقُولُ: ومن أَنْتَ يا هذه؟ فَتَقُول: أَنَا من اللواتي قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، فلا يزال يتحول من زوجة إلى زوجة». رواه الطبراني في الأوسط.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قَوْلِهِ: {كَأَنَّهُنَّ إلياقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} قَالَ: «يَنْظُرُ إِلَى وَجْهَهُ فِي خَدِّهَا أَصْفَى مِنْ الْمِرْآةِ، وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ عَلَيْهَا تُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَإِنَّهُ لَيَكُونُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ حَلة يَنْفُذُهَا بَصَرُهُ، حَتَّى يَرَى مُخَّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ». رواه أَحَمَد، وابن حبان في صحيحه في حديث تقدم بنحوه، والبيهقي بإسناد ابن حبان، واللفظ له.
قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في صفة عرائس أَهْل الْجَنَّة وحسنهن وجمالهن ووصالهن:
وَإِذَا بَدَتْ فِي حُلَّةٍ مِنْ لُبْسِهَا ** وَتَمَايَلَتْ كَتَمَايُلِ النَّشْوَانِ

تَهْتَزُّ كَالْغُصْنِ الرَّطِيبِ وَحَمْلُهُ ** وَرْدٌ وَتُفَّاحٌ عَلَى رُمَّانِ

وَتَبَخْتَرَتْ فِي مَشْيِهَا وَيَحِقُ ذَا ** كَ لِمِثْلِهَا فِي جَنَّةِ الْحَيَوَانِ

وَوَصَائِفٌ مِنْ خَلْفِهَا وَأَمَامِهَا ** وَعَلى شَمَائِلِهَا وَعَنْ أَيْمَانِ

كَالْبَدْرِ لَيْلَةَ تِمِّهِ قَدْ حُفَّ فِي ** غَسَقِ الدُّجَى بِكَوَاكِبِ الْمِيزَان

فَلِسَانِهِ وَفُؤَادِهِ وَالطَّرْفُ فِي ** دَهَشٍ وَإِعْجَابٍ وَفِي سُبْحَانِ

فَالْقَلْبُ قَبْلَ زِفَافِهَا فِي عُرْسِهِ ** وَالْعُرْسُ إِثْرَ الْعُرْسِ مُتَّصِلانِ

حَتَّى إِذَا مَا وَاجَهَتْهُ تَقَابَلا ** أَرَأَيْتَ إِذْ يَتَقَابَلُ الْقَمَرَانِ

فَسَلِ الْمُتَيَّمَ هَلْ يَحِلُّ الصَّبْرُ عَنْ ** ضَمٍّ وَتَقْبِيلٍ وَعَنْ فُلْتَانِ

وَسَلْ الْمُتَيَّمَ أَيْنَ خَلَّفَ صَبْرَهُ ** فِي أَيِّ وَادٍ أَمْ بِأَيِّ مَكَانِ

وَسَلْ الْمُتَيَّمَ كَيْفَ حَالَتُهُ وَقَدْ ** مُلِئَتْ لَهُ الأُذُنَانِ وَالْعَيْنَانِ

مِنْ مَنْطِقٍ رَقَّتْ حَوَاشِيهِ وَوَجْـ ** ـهٍ كَمْ بِهِ لِلشَّمْسِ مِنْ جَرَيَانِ

وَسَلْ الْمُتَيَّمَ كَيْفَ عِيشَتُهُ إِذَا ** وَهُمَا عَلَى فُرَشَيْهِمَا خَلَوَانِ

يَتَسَاقَطَانِ لَئَآلِئًا مَنْثُورَةً ** مِنْ بَيْنِ مَنْظُومٍ كَنَظْمِ جُمَانِ

وَسَلْ الْمَتَيَّمَ كَيْفَ مَجْلِسُهُ مَعَ الْـ ** مَحْبُوبَ فِي رَوْحٍ وَفِي رَيْحَان

وَتَدُورُ كَاسَاتُ الرَّحِيقِ عَلَيْهِمَا ** بِأَكُفٍّ أَقْمَارٍ مِن الْوِلْدَانِ

يَتَنَازَعَانِ الْكَأْسَ هَذَا مَرَّةً ** وَالْخُودُ أُخْرَى ثُمَّ يَتَّكِئَانِ

فَيَضُمُّهَا وَتَضُمُّهُ أَرَأَيْتَ مَعْـ ** شُوقَيْنِ بَعْدَ الْبُعْدِ يَلْتَقِيَانِ

غَابَ الرَّقِيبُ وَغَابَ كُلُّ مُنَكِّدٍ ** وَهُمَا بِثَوْبِ الْوَصْلِ مُشْتَمِلانِ

أَتَرَاهُمَا ضَجِرَيْنِ مِنْ ذَا الْعَيْشِ لا ** وَحَيَاةِ رَبِّكَ مَا هُمَا ضَجِرَانِ

وَيَزِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا حُبًّا لِصَا ** حِبِهِ جَدِيدًا سَائِرَ الأَزْمَانِ

وَوِصَالُهُ يَكْسُوهُ حُبًّا بَعْدَهُ ** مُتَسَلْسِلاً لا يَنْتَهِي بِزَمَانِ

فَالْوَصْلُ مَحْفُوفٌ بِحُبٍّ سَابِقٍ ** وَبِلاحِقٍ وَكِلاهُمَا صِنْوَانِ

فَرْقٌ لَطِيفٌ بَيْنَ ذَاكَ وَبَيْنَ ذَا ** يَدْرِيهِ ذُو شُغْلٍ بِهَذَا الشَّانِ

وَمَزِيدُهُمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ حَاصِلٌ ** سُبْحَانَ ذِي الْمَلَكُوتِ وَالسُّلْطَان

يَا غَافِلاً عَمَّا خُلِقْتَ لَهُ انْتَبِهْ ** جَدَّ الرَّحِيلُ وَلَسْتَ بِإليقْظَانِ

سَارَ الرِّفَاقُ وَخَلَّفُوكَ مَعَ الأُولى ** قَنَعُوا بِذَا الْحَظِّ الْخَسِيسِ الْفَانِ

وَرَأَيْتَ أَكْثَرَ مَنْ تَرَى مُتَخَلِّفًا ** فَتَبَعْتَهُمْ فَرَضِيتَ بِالْحُرْمَانِ

لَكِنْ أَتَيْتَ بِخُطَّتِي عَجْزٍ وَجَهْلٍ ** بَعْدَ ذَا وَصَحِبْتَ كُلَّ أَمَانِ

مَنَّتْكَ نَفْسُكَ بِاللُّحُوقِ مَعَ الْقُعُو ** دِ عَن الْمَسِيرِ وَرَاحَةِ الأَبْدَانِ

وَلَسَوْفَ تَعْلَمُ حِينَ يَنْكَشِفُ الْغِطَا ** مَاذَا صَنَعْتَ وَكُنْتَ ذَا إِمْكَان

وَاللهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

.فصل في قَدْر دار الجنة:

قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ: وكيف يقدر قدر دار غرسها الله بيده، وجعلها مقرًا لأحبابه، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه، ووصف نعيمها بالفوز العَظِيم، وملكها بالملك الكبير، وأودعها جَمِيع الْخَيْر بحذافيره، وطهرها من كُلّ عيب وآفة ونقص.
فإن سألت عن أرضها وتربتها، فهي المسك والزعفران.
وإن سألت عن سقفها فهو عرش الرحمن.
وإن سألت عن بلاطها، فهو المسك الأذفر.
وإن سألت عن حصبائها، فهو اللؤلؤ والجوهر.
وإن سألت عن بنائها، فلبنة من فضة، ولبنة من ذهب.
وإن سألت عن أشجارها، فما فيها شجرة إِلا وساقها من ذهب وفضة، لا من الحطب والخشب.
وإن سألت عن ثمرها، فأمثال القلائل إلين من الزبد، وأحلى من العسل.
وإن سألت عن ورقها، فأحسن ما يكون من رقائق الحلل.
وإن سألت عن أنهارها، فأنهار من ماء غير آسن: {وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى}.
وإن سألت عن طعامهم، فـ: {فَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}.
وإن سألت عن شرابهم، فالتسنيم، والزنجبيل والكافور.
وإن سألت عن آنيتهم فآنية الذهب والفضة في صفاء القوارير ,
وإن سألت عن سعة أبوابها، فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام، وليأتين عَلَيْهِ يوم وَهُوَ كظيظ من الزحام.
وإن سألت عن تصفيق الرياح لأشجارها، فإنها تستفز بالطرب لمن يسمعها.
وإن سألت عن ظلها، ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها.
وإن سألت عن سعتها، فأدنى أهلها يسير في ملكه وسرره وقصوره وبساتينه مسيرة ألف عام.
وإن سألت عن خيامها وقبابها، فالخيمة الواحدة من درة مجوفة، طولها ستون ميلاً من تلك الخيام.
وإن سألت عن علإليها وجواسقها، فهي: {غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}.
وإن سألت عن ارتفاعها، فَانْظُرْ إلى الكوكب الطالع أو الغارب في الأفق الَّذِي لا تكاد تناله الأبصار.
وإن سألت عن لباس أهلها، فهو الحرير والذهب.
وإن سألت عن فُرُشِهم فَبَطائِنُها مِن اسْتَبْرَقٍ مَفْرُوشَةٍ في أَعْلَى ألرُّتَبِ.
وإن سألت عن أرائكها، فهي الأسرة عَلَيْهَا البشخانات وهي الحجال، مزرة بأزرار الذهب، فمالها من فروج ولا خلال.
وإن سألت عن وجوه أهلها وحسنهم، فعلى صورة القمر.
وإن سألت عن أسنانهم، فأبناء ثلاث وثلاثين، على صورة آدم عَلَيْهِ السَّلام أبي البشر.
وإن سألت عن أسماعهم، فغناء أزواجهم من الحور العين وأعلى منه سماع أصوات الملائكة والنبيين، وأعلى منهما خطاب رب العالمين.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

.فَصْل في سماع أَهْل الْجَنَّة:

وَقَالَ في النونية:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَيُرْسِلُ رَبُّنَا ** رِيحًا تَهُزُّ ذَوَائِبَ الأَغْصَانِ

فَتُثِير أَصْوَاتًا تَلَذُّ لِمَسْمَعِ الْـ ** إِنْسَانِ كَالنَّغَمَاتِ بِالأَوْزَانِ

يَا لَذَّةَ الأَسْمَاعِ لا تَتَعَوَّضِي ** بِلَذَاذَةِ الأَوْتَارِ وَالْعِيدَانِ

أَو مَا سَمِعْتَ سَمَاعَهم فِيهَا غِنَا ** ءَ الْحُورِ بِالأَصْوَاتِ وَالأَلْحَانِ

وَاهًا لِذَيَّاكَ السَّمَاعِ فَإِنَّهُ ** مُلِئَتْ بِهِ الأَذُنَانِ بِالإِحْسَانِ

وَاهًا لِذَيَّاكَ السَّمَاعِ وَطِيبِهِ ** مِنْ مِثْلِ أَقْمَارٍ عَلَى أَغْصَانِ

وَاهًا لِذَيَّاكَ السَّمَاعِ وَلَمْ أَقُلْ ** ذَيَّاكَ تَصْغِيرًا لَهُ بِلِسَان

وَاهًا لِذَيَّاكَ السَّمَاعِ فَكَمْ بِهِ ** لِلْقَلْبِ مِنْ طَرَبٍ وَمِنْ أَشْجَانِ

مَا ظَنَّ سَامِعُهُ بِصَوْتِ أَطْيَبِ الْـ ** أَصْوَاتِ مِنْ حُورِ الْجِنَانِ حِسَانِ

نَحْنُ النَّوَاعِمُ وَالْخَوَالِدُ خَيَّرَا ** تٌ كَامِلاتُ الْحُسْنِ وَالإِحْسَانِ

لَسْنَا نَمُوتُ وَلا نَخَافُ وَمَا لَنَا ** سَخَطٌ وَلا ضَغَنٌ مِن الأَضْغَانِ

طُوبَى لِمَنْ كُنَّا لَهُ وَكَذَاكَ طُو ** بَى لِلَّذِي هُوَ حَظُّنَا لَفْظَانِ

فِي ذَاكَ آثَارٌ رُوِينَ وَذِكْرُهَا ** فِي التِّرْمِذِيِّ وَمُعْجَمِ الطَّبَرَانِي

وَرَوَاهُ يَحْيى شَيْخُ الأَوْزَاعِي تَفْـ ** سِيرًا لِلَفْظَةِ يُحْبَرُونَ أَغَانِي

نَزِّهْ سَمَاعَكَ إِنْ أَرَدْتَ سَمَاعَ ذَيَّـ ** ـاكَ الْغِنَا عَنْ هَذِهِ الأَلْحَانِ

لا تُؤْثِرِ الأَدْنَى عَلَى الأَعْلَى فَتُحْـ ** رَمُ ذَا وَذَا يَا ذِلَّةَ الْحُرْمَان

إِن اخْتِيَارَكَ لِلسَّمَاعِ النَّازِل الْـ ** أَدْنَى عَلَى الأَعْلَى مِنَ النُّقْصَانِ

وَاللهِ إِنَّ سَمَاعَهُمْ فِي الْقَلْبِ وَالْـ ** أَبْدَانِ مِثْلُ السُّمِّ فِي الأَبْدَانِ

وَاللهِ مَا انْفَكَّ الَّذِي هُوَ دَأْبُهُ ** أَبَدًا مِن الإِشْرَاكِ بِالرَّحْمَنِ

فَالْقَلْبُ بَيْتُ الرَّبِّ جَلَّ جَلالُهُ ** حُبًّا وَإِخْلاصًا مَعَ الإِحْسَانِ

فَإِذَا تَعَلَّقَ بِالسَّمَاعِ أَصَارَهُ ** عَبْدًا لِكُلِّ فُلانَةٍ وَفُلانِ

حُبُّ الْكِتَابِ وَحُبُّ أَلْحَانِ الْغِنَا ** فِي قَلْبِ عَبْدٍ لَيْسَ يَجْتَمِعَان

وَاللهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

.فصل مطايا أهل الجنة:

وإن سألت عن مطاياهم التي يتزاورون عَلَيْهَا، فنجائب أنشأها الله مِمَّا شَاءَ تسير بِهُمْ حيث شاءوا من الجنان.
وإن سألت عن حليهم وشارتهم فأساور الذهب واللؤلؤ على الرؤوس ملابس التيجان.
وإن سألت عن غلمانهم، فَوِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ.
وإن سألت عن عرائسهم وأزواجهم، فهن الكواعب والأتراب، اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب، فللورد والتفاح ما لبسته الخدود، وللرمان ما تضمنته النهود، وللؤلؤ منثور ما حوته الثغور، وللرقة واللطافة ما دارت عَلَيْهِ الخصور، تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت، ويضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت، إذا قابلت حبها فقل ما تشاء في تقابل النيرين، وإذا حادثته فما ظنك بمحادثة الحبين وإن ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين، يرى وجهه في صحن خدها، كما يرى في المرآة التي جلاها صقيلها، ويرى مخ ساقها من وراء اللحم، ولا يستره جلدها ولا عظمها ولا حللها.
لو اطلعت على الدُّنْيَا لملأت ما بين الأَرْض والسماء ريحًا، ولاستنطقت أفواه الخلائق تهليلاً وتكبيرًا وتسبيحًا، ولتوخرف لها ما بين الخافقين، ولأغمضت عن غيرها كُلّ عين، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم، ولآمن من على ظهرها بِاللهِ الحي القيوم.
ونصيفها على رأسها خَيْر من الدُّنْيَا وما فيها، ووصالها أشهى إليه مِنْ جَمِيعِ أمانيها، لا تزداد على طول الأحقاب إِلا حسنًا وجمالاً، ولا يزداد لها طول المدى إلا محبة ووصالاً، مبرأة من الحمل والولادة والحيض والنفاس، مطهرة من المخاط والبصاق والبول والغائط وسائر الأدناس، وإن سألت عن حسن العشرة ولذة ما هنالك، فهن الْعَرَب المتحببات إلى الأزواج، بلطافة التبعل بالروح أي امتزاج، فما ظنك بامرأة إذا ضحكت في وجه زوجها أضاءت الْجَنَّة من ضحكها، وإذا انتقُلْتُ من قصر إلى قصر قُلْتُ هذه الشمس متنقلة في بروج فلكها، وإذا حاضرت زوجها فيا حسن تلك المحاضرة، وإن خاصرته فيا لذة تلك المعانقة والمخاصرة.
وَحَدِيثُهَا السِّحْرُ الْحَلالُ لَوْ أَنَّهُ ** لَمْ يَجْنِ قَتْلَ الْمُسْلِمِ الْمُتَحَرِّزِ

إِنْ طَالَ لَمْ يُمْلَلْ وَإِنْ هِيَ حَدَّثَتْ ** وَدَّ الْمُحَدَّثُ أَنَّهَا لَمْ تُوجِز

آخر:
يُعَادُ حَدِيْثُهَا فَيَزِيْدُ حُسْنًا ** وَقَدْ يُسْتَقْبَحُ الشَيْء المُعَادُ

وإن غَنَّّتْ فَيَا لَذَّةَ الأبْصَارِ والأَسْمَاع، وإن آنَسَتْ وَأَمْتعَتْ فَيَا حَبَّذا تِلْكَ المؤَانَسَةِ والامْتَاع، وإنْ قَبلَتْ فلا شيْءَ أشْهَى مِنْ ٍذَلِكَ التّقِْبيْلِ، وإنْ نَوَّلْتَ فلا ألذَّ وَلاَ أَطْيَبَ مِنْ ذَلِكَ التَّنْوِيْلِ.
هَذَا وإن سألت عن يوم المزيد، وزيارة العزيز الحميد، ورؤية وجهه المنزه عن التمثيل والتشبيه، كما تَرَى الشمس في الظهيرة، والقمر ليلة البدر، كما تواتر عن الصادق المصدوق النقل فيه، وَذَلِكَ موجود في الصحاح، والسُّنَن والمسانيد، من رواية جرير وصهيب وأنس وأَبِي هُرَيْرَةِ وأبي مُوَسى وأبي سعيد: فاستمَعَ يوم ينادي المنادي: يا أَهْل الْجَنَّة إن ربكم تبارك وتَعَالَى يستزيركم فحي على زيارته، فيقولون: سمعًا وطاعة، وينهضون إلى الزيارة مبادرين، فإذا بالنجائب قَدْ أعدت لَهُمْ، فيستوون، يفنى شبابها، ولا تبلى ثيابها، ولا يخلق ثوب جمالها، ولا يمل طيب وصالها.
قَدْ قصرت طرفها على زوجها، فلا تطمح لأحد سواه، وقصر طرفه عَلَيْهَا فهي غاية أمنيته وهواه، إن نظر إليها سرته، وإن أمرها بطاعته أطاعته، وإن غاب عَنْهَا حفظته، فهو معها في غاية الأماني والأمان.
هَذَا ولم يطمثها قبله إنس ولا جان، كُلَّما نظر إليها ملأت قَلْبهُ سرورًا، وكُلَّما حدثته ملأت أذنه لؤلؤًا مَنْظُومًا منثورًا.
وإذا برزت ملأت القصر والغرفة نورًا.
وإن سألت عن السن، فأتراب في أعدل سن الشباب.
وإن سألت عن الحسن، فهل رَأَيْت الشمس والقمر.
وإن سألت عن الحدق، فأحسن سواد في أصفى بياض في أحسن حور.
وإن سألت عن القدود، فهل رَأَيْت أحسن الأغصان، وإن سألت عن النهود فهن الكواعب، نهودهن كألطف الرمان.
وإن سألت عن اللون، فكأنه إلياقوت والمرجان.
وإن سألت عن حسن الخلق، فهن الخيرات الحسان، اللات جمع لهن بين الحسن والإحسان، فأعطين جمال الباطن والظاهر، فهن أفراح النُّفُوس، وقرة النواظر.
على ظهورها مسرعين، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الَّذِي جعل لَهُمْ موعدًا وجمعوا هناك فلم يغادر الداعي مِنْهُمْ أحدًا، أمر الرب تبارك وتَعَالَى بكرسيه فنصب هناك، ثُمَّ نصبت لَهُمْ منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، وجلس أدناهم – وحاشاهم أن يكون فيهم دنيء – على كثبان المسك، ما يرون أن أصحاب الكراسي فوقهم في العطايا.
حتى إذا استقرت بِهُمْ مجالسهم، واطمأَنْتَ بِهُمْ أماكنهم، نادى المنادي: يا أَهْل الْجَنَّة إن لكم عَنْدَ الله موعدًا يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هُوَ؟ ألم يبيض وجوهنا. ويثقل موازيننا؟ ويدخلنا الْجَنَّة، ويزحزحنا عن النار؟ فبينما هم كَذَلِكَ إذ سطع لَهُمْ نور أشرقت له الْجَنَّة، فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله وتقدست أسماؤه، قَدْ أشرف عَلَيْهمْ من فوقهم، وَقَالَ: يا أَهْل الْجَنَّة سلام عليكم، فلا ترد هذه التحية بأحسن من نقولهم: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلام ومنك السَّلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، فيتجلى لَهُمْ الرب تبارك وتَعَالَى يضحك إليهم، وَيَقُولُ: يا أَهْل الْجَنَّة، فيكون أول ما يسمعون منه تَعَالَى: أين عبادي الَّذِينَ أطاعوني بالغيب ولم يروني، فهَذَا يوم المزيد. فيجتمعون على كلمة واحدة: أن قَدْ رضينا فارض عنا، فَيَقُولُ: يا أَهْل الْجَنَّة: إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي، هَذَا يوم المزيد فاسألوني، فيجتمعون على كلمة واحدة: أرنا وجهك ننظر إليه. فيكشف لَهُمْ الرب جل جلاله الحجب ويتجلى لَهُمْ، فيغشاهم من نوره ما لو أن الله تَعَالَى قضى أن لا يحترقوا لاحترقوا، ولا يبقى في ذَلِكَ المجلس أحد إِلا حاضره ربه تَعَالَى محاضرة، حتى إنه ليَقُولُ: يا فلان أتذكر يوم فعلت كَذَا وَكَذَا؟ يذكره ببعض غدراته في الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: يا رب ألم تغفر لي؟ فَيَقُولُ: بلى بمغفرتي بلغتك منزلتك هذه، فيا لذة الأسماع بتلك المحاضرة، ويا قرة عيون الأَبْرَار بالنظر إلى وجهه الكريم في الدار الآخِرَة، ويا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ}.
فَحَيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإِنَّهَا ** مَنَازِلُكَ الأُولَى وَفِيهَا الْمُخَيَّمُ

وَلَكِنَّنَا سَبْيُ الْعَدُوُّ فَهَلْ تَرَى ** نَعُودُ إِلَى أَوْطَانِنَا وَنُسَلِّمُ

اللَّهُمَّ تَوفَّنَا مُسْلِمينَ وَأَلْحِقْنَا بِعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ لا خوفٌ عَلَيْهمْ ولا هُمْ يَحْزَنونَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
أَرَى النَّاسَ فِي الدُّنْيَا مُعَافًا وَمُبتَلَى ** وَمَا زَالَ حُكْمُ اللهِ فِي الأَرْضِ مُرْسَلا

مَضَى فِي جَمِيعِ النَّاسِ سَابِقُ عِلْمِهِ ** وَفَصَّلَهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَوَصَّلا

وَلَسْنَا عَلى حُلْوِ الْقَضَاءِ وَمُرِّهِ ** نَرَى حَكَمًا فِينَا مِنَ اللهِ أَعْدَلا

بِلا خَلْقَهُ فِي الْخَيْرِ وَالشَرِّ فِتنَةً ** لِيَرْغَبَ فِيمَا فِي يَدَيْهِ وَيَسْأَلا

وَلَمْ يَبْغِ إِلا أَنْ نَبُوءَ بِفَضْلِهِ ** عَلَيْنَا وَإِلا أَنْ نَتُوبَ فَيَقْبَلا

هُوَ الأَحَدُ الْقَيُّومُ مِنْ بَعْدِ خَلْقِهِ ** وَمَا زَالَ فِي دَيْمُومَةِ الْخَلْقِ أَوَّلا

وَمَا خَلَقَ الإِنْسَانَ إِلا لِغايَةٍ ** وَلَمْ يَتْرُكِ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ مُهْمَلا

كَفَى عِبْرَةً أَنَّا وَأَنَّكَ يَا أَخِي ** نُصَرِّفُ تَصْرِيفًا لَطِيفًا وَنُبْتَلَى

كَانَا وَقَدْ صِرْنَا حَدِيثًا لِغَيْرِنَا ** يُخَاضُ كَمَا خُضْنَا الْحَدِيثَ بِمَنْ خَلا

تَوَهَّمْتُ قَوْمًا قَدْ خَلُوا فَكَأَنَّهُمُ ** بِأَجْمَعِهِم كَانُوا خَيَالاً تَخَيَّلا

وَلَسْتُ بِأَبْقَى مِنْهُمْ فِي دِيَارِهِمْ ** وَلَكِنَّ لِي فِيهَا كِتَابًا مُؤَجَّلا

وَمَا النَّاسُ إِلا مَيِّتٌ وَابْنُ مَيِّتٍ ** تَأَجَّلَ حَيٌّ مِنْهُمْ أَوْ تَعَجَّلا

فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ يُخْلِفُ وَعدَهُ ** بِمَا كَانَ أَوْصَى الْمُسْلِمِينَ وَأَرْسَلا

هُوَ الْمَوْتُ يَا ابْنَ الْمَوْتِ وَالْبَعْثُ بَعْدَهُ ** فَمِنْ بَيْنِ مَبْعُوثٍ مُخفًا وَمُثْقَلاَ

وَمِنْ بَيْنِ مَسْحُوبٍ عَلَى حُرٍّ وَجْهِهِ ** وَمِنْ بَيْنِ مَنْ يَأْتِي أَغَرَّ مُحَجَّلا

عَشِقْنَا مِنَ اللَّذَاتِ كُلَّ مُحَرَّمٍ ** فَأُفٍّ عَلَيْنَا مَا أَغَرَّ وَأَجْهَلا

لَقَدْ كَانَ أَقْوَامٌ مِنَ النَّاسِ قَبْلَنَا ** يَعَافُونَ مِنْهُنَّ الْحَلالَ الْمُحَلَّلا

رَكَنّا إِلَى الدُّنْيَا فَطَالَ رُكُونُنَا ** وَلَسْنَا نَرَ الدُّنْيَا عَلَى ذَاكَ مَنْزِلا

فَلِلَّهِ دَارٌ مَا أَحَثَّ رَحِيلَهَا ** وَمَا أَعْرَضَ الآمَالَ مِنْهَا وَأَطْوَلا

أَبيّ الْمَرْءُ إِلا أَنْ يَطُولَ اغْتِرَارُهُ ** وَتَأْبَى بِهِ الْحَالاتُ إِلا تَنَقُّلا

إِذَا أَمَّلَ الإِنْسَانُ أَمْرًا فَنَالَهُ ** سَمَا يَبْتَغِي فَوْقَ الَّذِي كَانَ أَمَّلا

وَكَمْ مِنْ ذَلِيلٍ عَزَّ مِن بَعْدِ ذِلَّةٍ ** وَكَمْ مِنْ رَفِيعٍ كَانَ قَدْ صَارَ أَسْفَلا

وَلَمْ أَرَ إِلا مُسْلِمًا فِي وَفَاتِهِ ** وَإِنْ أَكْثَرَ الْبَاكِي عَلَيْهِ وَأَعْوَلا

وَكَمْ مِنْ عَظِيمِ الشَّأْنِ فِي قَعْرِ حُفْرَةٍ ** تَلَحَّفَ فِيهَا بِالثَّرَى وَتَسَرْبَلا

أَيَا صَاحِبَ الدُّنْيَا وَثِقْتَ بِمَنْزِلٍ ** تَرَى الْمَوْتَ فِيهِ بِالْعِبَادِ مُوَكَّلا

تُنَافِسُ فِي الدُّنْيَا لِتَبْلُغَ عِزَّها ** وَلَسْتَ تَنَالُ العِزَّ حَتَّى تَذَلَّلا

إِذَا اصْطَحَبَ الأَقْوَامُ كَانَ أَذَلُّهُمْ ** لأَصْحَابِهِ نَفْسًا أَبَرَّ وَأَفْضَلا

وَمَا الْفَضْلُ فِي أَنْ يُؤثِرَ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ** وَلَكِنَّ فَضْلَ الْمَرْءِ أَنْ يَتَفَضَّلا

اللَّهُمَّ يا من عم العباد فضله ونعماؤه، ووسع البرية جوده وعطاؤه، نسأل منك الجود والإحسان، والعفو والغفران، والصفح والأمان، والعتق من النيران، وتوبة تجلو أنوارها ظلمَاتَ الإساءة والعصيان، يا كريم يا.
اللَّهُمَّ ثَبِّتْ إيماننا بك ثبوت الْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ، وَنَوِّرْ قُلُوبَنَا بِنُور الإيمانِ وَاجْعَلْنَا هُداةً مُهْتَدِين وَأَصْلِحْ أَوْلادَنَا واغفر لآبائنا وأمهاتنا واجمعنا وإياهم مَعَ عبادك الصالحين في جنات النَّعِيم، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وأصْحابِهِ أَجْمَعِين.